ذاهب لكنني باق يا سوريا
يا سورية ها أنا ذا ذاهبٌ
لكنني باقٍ
لأنني لا أجد وسيلةً لرحيلي
بعد أن عايشتُ ناسك؛
وسمعتُ ودندنتُ موسيقاكِ
وتذوّقْتُ طعامكِ
وعبرْتُ صحراءك
وسرتُ في دروب تدمر وحمص
حين تذوَّقت العرق الذي حلّى شفتيّ
ودخل تاريخك كاملاً في قلبي
و صار العالمُ طفلاً في كلماتي.
أسرتني الأحلامُ
في قلعة الحصن
أو ربّما
جالساً في بصرى
في آثار ذلك المسرح الهائل
حيث يمكن سماع المصارعين
وفهم معنى المأساة الإنسانية.
أو ربما
مازلتُ راسياً في مصياف
في غابتها المسحورة حيث تصدح
القبراتُ التي ترحل نحو المتوسط
أو أسيرَ نواعير حماة.
يا سورية
أقول لك وداعاً
وغصّةٌ في حنجرتي
وأنا أحاول أن أقول لكِ أُحبُّكِ.
السوريات اللواتي ينرْنَ قبّة السماء
عندما تتدفَّقُ القصيدة
كما لو أن ينبوعاً يتفجّر في صدرك
عندها تتنبهُ
إلى أنّك في دمشق
وأنت ترى كيف يصيرُ قاسيون سماءً
تحت قدميك المنهكتين من السفر.
قاسيون أيُّ سحرٍ يُضيئك
حين ينسدلُ الليل
وتنسكب كلُّ النجوم عليك؟
هل من حبٍّ خفيٍّ يكشف عن نفسه في هذه الساعة
أم أنّها أعين السوريات
اللواتي يخرجن ليُنافسْنَ النجوم؟
إنّه لغز
لأنّ ما يبدو في النهار من بعيدٍ
أنقاضاً
يصير في الليل مملكة نور متلألئ
تدعو للحب
والسلام و السكينة.
أنا أُصدِّق
ما يقوله الناس هناك:
السوريات
هن اللواتي ينرن قبة السماء
وقاسيون مملكتهنَّ.
أصدقائي في دمشق
يا أصدقائي في دمشق
أيها الشعراء
قولوا لي
كيف أكتب في الهواء كلمة حب؟
كيف أكتب وأقرأ أشعاري المائية؟
كيف أُدخِلُ في الرمال
كتب أحلامي
دون أن تتأذى صفحاتها بمرور الزمن؟
يا أصدقائي في دمشق
أيها الشعراء:
أنتم يا رفاقي
يا سادةَ الأبجدية
والنّور الحاضن لشمس الشرق
وصوت الآلهة
والحوريات والملائكة
أخبروني:
كيف أستطيع كتابة كلمة حرية
وسط الليلة الهوجاء
دون أن يرتجفَ نبضي
و يُجمّد البرد حنجرتي؟
يا أخوتي في دمشق
أنتم يا أيها الشعراء
يا سادةَ الطرق والآفاق
أرجوكم،
أخبروني.
ترجمة القصائد عن الإسبانية: مدى عطفة